جماليات الخط العربي

جماليات الخط العربي في مبنى ندوة الثقافة والعلوم

إن الزائر لمبنى ندوة الثقافة والعلوم في دبي سوف يشد انتباهه هيبة وجمال المبنى واكتمال عمارته المتحلية بعناصر التراث والمعاصرة، وبالخط العربي بشكل خاص، حتى ليبدو صرحاً ثقافياً متميزاً جديراً بالاستحسان والإشادة، إشادة واجبة بالجهود الفكرية والمادية المقدرة التي بذلت في إنجازه، وبما يعزز التفاؤل بحاضر ومستقبل ثقافي متميز، تهدف إليه الندوة.


يزدان المبنى الجديد لندوة الثقافة والعلوم بالخط العربي، وتتصدره جدارية ضخمة في واجهة مدخله الخارجي بمساحة بلغت 76 متر طولاً * 10 أمتار إرتفاعاً، حفرت بكاملها بحروف خط الثلث في مثال يشبه قطعة (المشق) الخطية. و(المشق) في ثقافة الخط عمل فني بصري قوامه الحروف ومركباتها، يؤديه الخطاط عند التمرين على تجويد الخط، وهذه الحروف في تلازمها مع نقط القياس الضابطة للحجوم والأوزان تبدو أشبه بالتنويت الموسيقي، إن مشاهدة هذا العمل الضخم محفوراً على حجر الجرانيت الصلد ينبهنا إلى مدى مواءمة التنفيذ وحجمه مع مادته ومضمونه.


إن الكتابة المعمارية تمثل نسقاً مختلفاً، بحيث تصبح جزءاً من العمارة نفسها، وعليه فهي تشكل صوتاً نشطاً في إبراز مكوناته، ويصبح الخط والكتابة نوعاً من التعبير، لا يقل في قوته عن العمل المنطوق، لا بل يفوقه في الديمومة والثبات. وتأتي فكرة استخدام (المشق) هنا توكيداً للدور الثقافي والمعرفي الذي تقوم به الندوة وحيث يؤكد دورالخط العربي بوصفه رمزاً مهماً للثقافة العربية والإسلامية، ممثلة في أجل مستوياتها وهي: الحرف والقلم، اللغة والكتابة والمعرفة والحكمة.


وإذا دلفنا إلى داخل هذا المبنى التراثي الجميل نكون في حضرة معرض متنوع للخط العربي تزين واجهات جدران المبنى الداخلية وأدرجه ومناوره، تكوينات خطية لآيات من القرآن الكريم ونصوص أخرى من الأدب العربي والحكمة الخالدة، اختارها بعناية الأستاذ الأديب محمد المر، للدلالة على المضامين الثقافية والمعرفية، وانتخب لخطها عدد من الخطاطين المجيدين الذين أبدعوها لوحات رائعة، بخط الثلث والخط الكوفي، نفذت بأحجام معمارية كبيرة وبخامة الجبس على الجدران، وبالحفر على زجاج الدرج والمناور.


وقد قام الفنان محمد فراس عبو على وضع الأفكار والتصميمات الهندسية والزخرفية التي وظف بها الخط العربي، فكان عملاً متكاملاً، يتجلى فيه حسن استخدام الفنون الإسلامية من خطوط وزخارف، تربطت بين الطابع المحلي للبناء والطابع التاريخي لهذه الفنون.


جاء المشق الحروفي الكبير بخط الخطاط وسام شوكت، واشترك في إعداد اللوحات الداخلية بخط الثلث الخطاطون: محمد فاروق الحداد، والدكتور صلاح الدين شيرزاد، والأستاذ تاج السر حسن، والخطاط محمد عيسى. وبالخط الكوفي الخطاط محمد رضا بلال.

خطوط في رحاب الندوة: